الثلاثاء، سبتمبر ٢٣

بين الصحة و المرض

ان مسني الشيطان بضر فلا كاشف للضر الا الله, و ان مسني الله بخير فهو علي كل شيء قدير ..

متأكد - من غير أي شكوك - أن ربنا قادر علي كل شيء, و متأكد أكتر أن مش كل ما يصيب المرء من ضر هو غضب من الله عليه .. بس الحكاية أني بتفلسف شوية في نقطة ما بين الصحة الكاملة و المرض المميت .. لو تخيلنا أن شخص سليم معافي لا يشعر باي قصور أو أمراض جسدية, و لم يزق طعم الألم, هيحس ازاي بأن ربنا أنعم عليه, ن غير ما يكون عارف أن في أسوأ مما هو فيه ...
محدش فهم حاجة .. أنا عارف

مثل تاني ... لو أنا عايش طول عمري في القطب الجنوبي - مثلا - و عمري ما خرجت منه, وواحد ذكي شوية قالي " أنت حرران" هفتكره بيشتمني علي طول, لأني مجربتش أحساس ان أنا حرران, يعني عمري ما هاقول الحمد لله أني مش حرران لأني مش عارف ايه معني الحر أصلا ..

نفس الحكاية بقي عن المرض, عمري ما هاقول الحمد لله علي نعمه الصحة الا لما أجرب المرض, و عمري ما هاحس بسعادة كلمة " الحمد لله ربنا شفاني " الله اما اذوق عكس الشفاء - المرض يعني - .

لف كتير و دوران كتير و الفكرة بسيطة, أنا مش هاكون حزين لأني مريض, لأن بكوني مريض بعمل كذا حاجة فيها خير ليا:
1- أني أصبر علي مرضي و ربي يجازيني خير.
2- أني أدعي ربي و للدعاء حسنات.
3- أني أحمد ربي يوم ما أحس اني مش تعبان أو اني شفيت من مرضي.
4- أني منتظر و بشوق اليوم اللي أخف فيه و أشعر أني طبيعي - بجد أحساس زي أفلام التشويق - .
5- أني احس و أعرف مين حواليا يهمه أمري و بيسأل.

كفاية قوي كده .. هي ديه نظرتي الايجابية لكوني مريض .. أعتبروها فلسفه أو جنون بس ما هي الا مصبرات علي الابتلاء .. و لصبر جميل خير من صراخ و عويل - ديه جملة من تأليفي أنا :) - ...

الجمعة، سبتمبر ١٢

المواجهة الثانية

المواجهة التانية ليا مع الجنان و المجانين حصلت فى نفس مكان و تقريبا نفس زمان المواجهة الأولى. حصلت فى نفس الشارع الطويل اللى كنت بمشيه عشان أروح المدرسة و انا فى ابتدائى. الشارع ده كنت بمشيه كتير مع أهلى لأنه كان هو اللى بيطلعنا على الشارع الرئيسى, وعشان كدة مواقف كتيرة من اللى حصلتلى فى المرحلة دى من عمرى حصلت فى الشارع ده.
ماتستغربوش ان اكتر من مواجهة مع الجنان حصلت فى نفس الشارع, الحكاية هى ان اكتر من منطقة و منهم الجيزة كانوا فى الوقت ده معروفين بوجود المجانين السارحين فى شوارعهم ( كون الشوارع دى راقية, عادية, او شعبية مكانش بيفرق كتير) كل شارع بقى مشهور بوجود مجنون أو مجنونة أو أكتر فيه. و ساعات كانوا بياخدوها نوبات أو shifts و يبقى الشارع ليه المجنون بتاعه الصبح و المجنون بتاعه بليل.
الظاهرة دى طولت لدرجة انها بقت لا ظاهرة ولا حاجة, بقت حاجة عادية جدا و سكان الشوارع دى اتعودوا على المجانين بتوع شارعهم و بقى التعامل معاهم جزء من حياتهم اليومية. و لما مجنون ولا مجنونة من دول يختفوا فجأة تلاقى الناس استغربت و بدأت تسأل عليهم...يا ترى الحكومة حنت عليهم ولا علينا و لقتلهم مكان يعيشوا فيه؟؟ - و ده احتمال مستبعد جدا – , يا ترى زهق ولا زهقت من شارعنا و بقى مش من مستواهم فا راحوا يشوفوا مكان أرقى شوية أو يغيروا جو ؟؟ - ماهو اكيد المجانين من حقهم يغيروا جو و يبقى عندهم تطلعات طبقية و طموح برضه - ... و الناس كانت فعلا بتقلق على المجانين دول و بتوصل انهم يسألوا و يدوروا عليهم.. الشعب المصرى ده غريب مش كده ؟

ندخل بقى على المواجهة نفسها:
– معلش برضه طولت فى المقدمة أوى مافيش فايدة فيا –
برغم ان المواجهة التانية بتشبه الأولى فى المكان و الزمان و فى انى عمرى ما جتلى الجرأة أقرب كفاية عشان أعرف تفاصيل أكتر بس فى اختلاف بين الاتنين فى شخصية المجنون و الاحساس الناتج عن المواجهة. المرة دى هحكيلكم على واحد من اكثر المجانين المرعبين اللى شفتهم فى حياتى , تعالوا نسميه ابو الشعور و هاتعرفوا السبب فى التسمية دى حالا لما أوصفهولكم..الراجل ده كان بين الأربعين و الخمسين سنة, و كان ضخم جدا ..ضخم عملاق يعنى – عريض المنكعين شلولخ على رأى عادل امام - أما بقى حكاية ابو الشعور دى فسببها هو انه ماكانش يعرف حاجة اسمها حلاقة..شعره و ذقنه طوال لدرجة انك ماتعرفش تفرق بينهم ولا تقدر تميز أى حاجة من ملامح وشه, لأ و الغريب انهم ملفلفين فى شكل اسطوانى كدة ولا تسريحة مارى انطوانيت. فعلا لما تشوفوه هاتعرفوا شكل الانسان قبل اختراع اى طريقة من طرق الحلاقة و ممكن تفتكروه من رجال الكهوف ووقع من آلة زمن ولا شق فى جدار الزمن و مش عارف يرجع لأهله يا عينى – معلش متأثرة بأفلام الخيال العلمى شوية –
الراجل ده شكله كان بيحب الغوامق أوى..من أول راسه لرجليه لون مجهول بين الأسود و البنى كده ماتعرفوش تفرقوا بين شعر و جلد و هدوم, كله لون موحد. متخياين لما طفلة بريئة فى ابتدائى و اصلا حجمها أقل من الحجم الطبيعى – احم احم مش عايزين تريقة – تقف قدام عمو ابو الشعور ده هيبقى احساسها ايه ؟؟ لأ و كمان ماسك عصاية أقرب الى الشومة فى ايده طول الوقت..ولا صوته مش عارفة اوصفه ازاى غير بالكلمة الفصحى جهورى...حاجة ترعب مش كده ؟؟
بس الراجل بصراحة كان قاعد فى حالة و مش بيئذى حد الا اذا حد استفزه فعلا , فى الحالة دى هتلاقى الشارع كله بيجرى ولا كأنهم فى الماراثون. من هنا جه الفرق فى الاحساس بين المواجهتين..فى أول مواجهة كان بيغلب عليا الاستغراب و الشفقة على حال الست دى و الاعجاب باخلاصها للقطط. بس هنا كان بيغلب عليا الخوف و الرغبة فى الجرى أو انى استخبى ورا أى حد كبير. بس ده مايمنعش انى كنت دايما بسأل ايه اللى يخلى راجل محترم – والله العظيم شكله كان محترم و ماتسألونيش ازاى - و ما شاء الله على حجمه و صحته اللى بتأهله انه يكون مصارع ولا بدى جارد يوصل للحالة دى من الضياع و التوهان ؟؟ الله أعلم بس أكيد حاجة صعبة أوى و كبيرة أوى..خمنوا بقى اللى ممكن يكون حصل و أشوفكم على خير فى المواجهة الثالثة.

الجمعة، سبتمبر ٥

واجتمع القنافذ

كان ياما كان, من دون ذِكر العصر ولا الاوان, و من دون مقدمات تُنفِر العقول و الابدان
شائت الاقدار و لعبت لعبتها, و تواجد مجموعه من القنافذ في الصحراء
من دون ماء ولا عشب, فقط رمال

تفرقوا علي ظلال لنباتات الصبار, ليحتموا بها من اشعه الشمس الحارقه
كل يقف تحت نبته, لا يتكلمون ولا يتحدثون, متباعدين عن بعضهم بالاميال

اخذت الحرارة في الاعتدال, و الشمس قَصُرَت يدها و لم تجد ما يطال

و خرج القنافذ من ظلالهم و تحدثوا معا و جرت افعال

وجد كل منهم صديق و أليف, و ارتبطوا برابط قوي فعال

تحركت الشمس و اقترب الليل, و ظهر قرص القمر في اطراف السماء
و بدأ يخيم عليهم شبح البرد, برد الصحراء القَتّال

في ذلك الوقت اجتمعوا, و بدؤا يتقربون من بعضهم اكثر فاكثر
يتقربون و يقتربون, و من البرد التصقت الابدان

و هنالك بدأ صراخهم يعلوا, فاشواكهم تجرح احبائهم
و الالم قاتل و الصراخ عال

فابتعدوا و تشتتوا ناظرين الي بعضهم و البرد قارص
كل يتمني ان يكون علي الاقتراب مُعَان


والان الموقف حيره, ايلتصقون و يجرحون بعضهم البعض ؟؟
ام يتباعدون فيلسعهم البرد ؟؟


جاوب فهم من يطرحون عليك السؤال